في صباح يوم الإثنين، قرأت مقالًا لأستاذ جامعي متقاعد في علم الأحياء، يحكي فيه عن تجربته الطويلة بين البحث والتدريس. ما شدّني في قصته لم يكن فقط تحوّله غير المتوقع من التركيز على البحث العلمي إلى التفرغ للتدريس، بل أيضًا إدراكه العميق أن الإبداع الحقيقي يمكن أن يوجد داخل الفصل، لا في المختبر فقط.
دفعني هذا المقال للتوقف قليلًا والتساؤل:
إلى أي مدى تشبه تجربتي تجربته؟ وهل كنت سأصل إلى نفس القناعة؟
في الحقيقة، كانت رحلتي عكس رحلته تمامًا. بدأت التدريس في عام 2020، بعد حصولي على الدكتوراه من واحدة من أرقى الجامعات البحثية، وكنت حينها مهيّأة بالكامل للاستمرار في البحث العلمي واستكشاف العالم من منظور بحثي نوعي. ومع ذلك، وباختيار شخصي، قررت أن أركّز على التدريس.
العودة إلى الكلية نفسها التي حصلت منها على درجة البكالوريوس قبل نحو خمسة عشر سنة كانت تجربة استثنائية، عاطفية وفكرية في آنٍ واحد. فأنا لم أعد فقط إلى المكان نفسه، بل إلى فصول دراسية مألوفة كنت فيها يوما متعلمة. واليوم، أقف فيها كمعلمة.
هذا التباين في الأدوار، من طالبة إلى معلمة، إلى جانب الابتعاد عن البحث في سنواتي الأولى والانغماس الكامل في الفصول الدراسية ومع الطلاب والطالبات، منحاني عدسة جديدة لرؤية التعليم والبحث كتجربة إنسانية متكاملة. أبطالها أفراد حقيقيون يحمل كل منهم قصته وتحدياته ورؤيته للعالم وأسئلته التي مازال يبحث عن إجاباتها.
في يوم المعلم، لا أحتفي بالمعلمين فقط، بل بالمتعلمين أيضًا، وبالعلاقة التي تجمعنا داخل الفصل—بالحوارات، بالتحديات، وبالنمو المشترك. فهذه العلاقة التفاعلية أعادت إليّ شغفي بالبحث من منظور جديد، وجعلتني أعيد التفكير في كثير من الأسئلة التي تناولتها في مشاريعي البحثية.
لقد تعلمت أن المعلم يتشكل وينمو مع طلابه. وأننا نتعلم بقدر ما نعلّم.
نعم، يوم المعلم ليس لي وحدي.
كل عام والمعلمين والمتعلمين في قرب و نماءٍ وارتقاء.
د.هاجر خليفه السلطان
أستاذ مساعد الثقافة وتعليم اللغة الانجليزية كلغة ثانية/أجنبية
جامعة الملك فيصل