من مبادرة نسائية إلى قصة نجاح وطنية تتحدث بلغة التنمية والإبداع.
في قلب واحة الأحساء، حيث يلتقي عبق التاريخ بنبض الحاضر، وُلدت جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية قبل أكثر من أربعة عقود، لتكون منارة للعطاء النسائي، ومؤسسة تصنع الفارق في حياة المرأة والأسرة والمجتمع.
هي ليست جمعية تقليدية بل حكاية طموحٍ أحسائي، تمتد جذوره في الأرض وتثمر تمكينًا وإنجازًا.
من فكرة خيرية إلى كيان تنموي رائد
انطلقت الجمعية عام 1401هـ برؤية طموحة تؤمن أن التنمية هي الوجه الأسمى للعطاء.
بدأت بخطوات في الرعاية ، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى مؤسسة تنموية نسائية متكاملة تخطط، وتدرّب، وتبادر، وتُحدث أثرًا ملموسًا في حياة آلاف النساء والأسر.
اليوم تُعد الجمعية نموذجًا سعوديًا متقدّمًا في التحول من الرعاية إلى التمكين، مستندة إلى خطط استراتيجية وشراكات وطنية فاعلة.
إنجازات تُروى… وعطاء يُسجَّل في التاريخ
خلال مسيرتها، نسجت الجمعية سلسلة من الإنجازات النوعية التي لامست قلوب المجتمع، وتجاوز صداها حدود الأحساء
سلة الخوص العملاقة إنجاز دخل موسوعة غينيس
من بين أكثر إنجازات الجمعية إبهارًا، مشروع سلة الخوص العملاقة التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وصُنعت بأيدي متطوعات ومنتجات أحسائيات جسّدن معنى العمل الجماعي والإبداع الحرفي، لم تكن السلة مجرد رقم قياسي، بل رمزًا لفخر الأحساء وإرادة المرأة السعودية التي تصنع بيديها إنجازًا يُحتفى به عالميًا.
المدرسة الأميرية… جذور التاريخ وروح الانتماء
مشروع إحياء المدرسة الأميرية التاريخية أحد أقدم معالم الأحساء التعليمية عبر فعاليات وبرامج ثقافية وتوعوية أعادت للمكان بريقه وذكرياته، كما كان للجمعية دور فعّال في مبادرات المعنوية الاجتماعية التي تجسّد روح التكافل، وتكرّس الانتماء الوطني بين فتيات ونساء المحافظة.
التعليم والتمكين… وجهان لعطاء واحد
روضة جمعية فتاة الأحساء.. نواة الطفولة الصديقة في مدينة الإنسانية
تُعد روضة جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية واحدة من أبرز النماذج التي تجسّد رؤية الأحساء كـ مدينة صديقة للطفل، إذ لم تكتفِ بتقديم التعليم المبكر بأساليب تربوية حديثة، بل جعلت من بيئتها التربوية فضاءً يضمن حق الطفل في التعلم الآمن، والنمو الشامل، والمشاركة الفاعلة في الأنشطة التي تعزز شخصيته وتقدّر صوته.
منذ تأسيسها، حرصت الروضة على تطبيق معايير جودة الطفولة المبكرة المعتمدة من وزارة التعليم، مع تبنّي برامج إثرائية تُنمّي مهارات التفكير والإبداع والذكاء العاطفي، إلى جانب غرس القيم الوطنية والهوية السعودية في وجدان الأطفال، وتعد الروضة من أقدم وأبرز رياض الأطفال الأهلية غير الربحية في الأحساء، حيث أسهمت في بناء أجيال واعية ومبدعة تمثل الثمرة الأولى لجهود الجمعية في خدمة الأسرة والمجتمع.
وقد أصبحت الروضة مركزًا يحتذى به في تهيئة بيئات تعليمية صديقة للأطفال، ودعم الأسر في تعزيز مهارات الوالدية الإيجابية، إن حضور روضة جمعية فتاة الأحساء في هذا المسار لا يُمثل مجرد مؤسسة تعليمية بل ركيزة أساسية في مشروع وطني وإنساني يسعى لأن تكون الأحساء نموذجًا عالميًا لمدن ترسم مستقبلها من عيون أطفالها.
معهد فتاتي.. مصنع المهارات وبوابة التمكين في جمعية فتاة الأحساء
من رحم الإيمان بأن التمكين يبدأ من التعليم والتدريب، انطلق معهد فتاتي للتدريب التابع لجمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية، ليكون منصة رائدة تُعِدّ الفتيات والنساء لميادين العمل والحياة بثقة واقتدار. هذا المعهد لم يكن مجرد مركز تدريب، بل حاضنة لتطوير القدرات وبناء الذات، تجمع بين الجودة الأكاديمية واللمسة الإنسانية التي تميّز مشاريع الجمعية.
يقدّم المعهد باقة واسعة من البرامج المعتمدة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، تغطي مجالات الإدارة، التقنية، التصميم، التجميل، ريادة الأعمال، والمهارات الحياتية، ويُعد من أوائل المعاهد النسائية في المنطقة التي دمجت بين الجانب المهني والتنموي من خلال برامج تصقل المهارة وتُعزّز الثقة بالنفس وروح القيادة، كما يسهم في دعم مستهدفات رؤية المملكة 2030 عبر تمكين المرأة اقتصاديًا ورفع نسبة مشاركتها في سوق العمل.
ولأن الجمعية تؤمن بأن (كل فتاة تملك قصة نجاح تنتظر أن تُروى) فإن المعهد يفتح أبوابه ليكون منصة الانطلاق نحو حياة مهنية مستقرة، وريادة أنثوية تُبنى بالعلم والإصرار.
فريق إمضاء وبنفسج التطوعيان.. بصمة تضيء درب العطاء في الأحساء
ضمن منظومة العمل المجتمعي لجمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية برز فريق إمضاء التطوعي وفريق بنفسج التطوعي كصورتين مشرقتين للعطاء المنظم والإبداع الاجتماعي، فريق إمضاء التطوعي يمثل روح الشباب الإيجابية التي تنبض بالحماس والمسؤولية، حيث أطلق العديد من المبادرات المجتمعية في مجالات، وقد تميز الفريق بأسلوبه العصري في تنفيذ الفعاليات، مستفيدًا من وسائل التواصل الرقمي لإيصال رسائل توعوية مؤثرة، ما جعله نموذجًا للفريق الذي يجمع بين الاحترافية والإنسانية في خدمة المجتمع.
أما فريق بنفسج التطوعي فقد جسّد مبدأ العطاء الراقي إذ ركّز على تطوع الأطفال،. وقد نجح الفريق في تحويل العمل التطوعي إلى مساحة إبداعية .
فعالية (أتلاد ) احتفاء بالهوية والإرث
أطلقت الجمعية هذه الفعالية قبيل اعلان عام الحرفة 2025م فجاءت كتجسيدٍ لاعتزاز الجمعية بهوية الأحساء الثقافية، إذ جمعت بين الحرف والأزياء والفنون الشعبية في مشهد يعكس جمال التراث وتمكين المرأة الحرفية، الفعالية شكّلت منصة وطنية لإبراز التراث الأحسائي في قالب عصري، وعززت من مكانة الجمعية كجسر بين الأصالة والتنمية.
البشت الحساوي من إرث الأجداد إلى الصناعة الحديثة.. مصنع الماهود نموذج فخر لجمعية فتاة الأحساء
في قلب الأحساء، حيث تمتزج الأصالة بالحداثة، يسطع اسم )مصنع الماهود للبشت الحساوي( كأحد أبرز المشاريع النوعية التي تبنّتها جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية، في شراكة وطنية رائدة مع أرامكو السعودية وجمعية حرفة التعاونية. هذا المشروع لم يكن مجرد فكرة إنتاجية، بل مبادرة متكاملة لإحياء تراث الأجداد وصياغته بلغة المستقبل.
ولم يقف المشروع عند حد الحفاظ على الحرفة، بل تجاوزها إلى ابتكار نموذج تنموي مستدام يجمع بين الحِرفة التراثية والإنتاج الصناعي الحديث، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في تمكين المرأة وتعزيز الاقتصاد المحلي، وبقيادة الجمعية وإشراف كوادرها النسائية، تحوّل المصنع إلى قصة نجاح تُجسّد قدرة الجمعيات الأهلية على أن تكون شريكًا فاعلًا في بناء اقتصاد وطني قائم على الأصالة والإبداع.
روح واحدة.. تصنع الفرق فريق العمل في جمعية فتاة الأحساء نموذج للعطاء المؤسسي الملهم
خلف كل إنجاز تُحققه جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية، يقف فريق عمل مؤمن برسالة إنسانية عميقة يجمع بين الخبرة والشغف والإيمان بأن التغيير يبدأ من داخل المؤسسة هذا الفريق الذي يضم كوادر نسائية متميزة في مجالات يشكّل العصب النابض لنجاح الجمعية واستمرار أثرها في المجتمع.
يعمل أفراد الفريق بروح التكامل والتعاون، حيث تتجلى بينهم قيم الانتماء والمسؤولية والإبداع في بيئة عمل تتبنى أسلوب الإدارة بالمشاركة وتُقدّر الجهود الفردية والجماعية على حد سواء.
وقد نجح هذا الفريق في تحويل الرؤى إلى واقع، عبر تنفيذ مشاريع نوعية، إن ما يميّز فريق جمعية فتاة الأحساء ليس فقط كفاءته المهنية بل إنسانيته العالية وقدرته على الإلهام فهو يجمع بين الفكر والرحمة، وبين الحلم والعمل.
مجلس إدارة يقود بحكمة… وجمعية عمومية تدعم برؤية
في مسيرة جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية، يتجسد النجاح في معادلة متوازنة بين قيادة واعية ودعم مؤسسي راسخ، يضم المجلس نخبة من القيادات النسائية الملهمات، يجمعن بين الخبرة والإيمان برسالة العمل الخيري.
وفي المقابل تمثل الجمعية العمومية السند الحقيقي لمسيرة الجمعية، إذ تضم عضواتٍ فاعلات يؤمنّ بأهمية المشاركة في صنع القرار ودعم المبادرات التطويرية، ومن خلال اجتماعاتها الدورية ومناقشاتها البنّاءة، تُسهم العمومية في توسيع دائرة المشاركة المجتمعية، بما يضمن استمرار مسيرة الجمعية بروح الفريق الواحد.
إن التناغم بين مجلس إدارة والجمعية العمومية هو ما جعل جمعية فتاة الأحساء نموذجًا يحتذى في الإدارة النسائية الرشيدة والعمل المؤسسي الناضج، حيث تلتقي الإرادة بالمسؤولية لتُثمر إنجازات تُعانق طموح الوطن.
نحو المستقبل: طموح ينتظر الأجيال
تقف جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية عند أعتاب رؤية واضحة للمستقبل من خلال:
• تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة والأسر المنتجة.
• رفع جودة التعليم المبكر والتدريب المهني.
• توسيع الشراكات والعلاقات المحلية والدولية.
• توسعة نطاق العمل التطوعي والإشراك المجتمعي.
من تأسيس في 1401هـ، إلى إبداع يدخل موسوعة العالم، ومن رعاية إلى تمكين.
قصة جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية ليست مجرد قصة جمعية بل هي قصة نهضة نسائية مجتمعية.
إنها عنوان لعطاءٍ مستمر، وتمكينٍ لا يعرف حدوداً، ورؤيةٌ تنبض بالحياة في كل امرأة وأسرة وأطفالٍ في الأحساء ولأنّ الرحلة لم تنتهِ بعد.
يستمر العطاء… ويبقى الأمل.